٦ وَعِنْدَ رُجُوعِ الْجَيْشِ بَعْدَ مَقْتَلِ جُلْيَاتَ، خَرَجَتِ النِّسَاءُ مِنْ جَمِيعِ مُدُنِ إِسْرَائِيلَ بِالْغِنَاءِ وَالرَّقْصِ، وَبِدُفُوفِ الْفَرَحِ وَبِمُثَلَّثَاتٍ لاِسْتِقْبَالِ شَاوُلَ الْمَلِكِ. ٧ وَرَاحَتِ النِّسَاءُ الرَّاقِصَاتُ يُنْشِدْنَ: «قَتَلَ شَاوُلُ أُلُوفَهُ وَقَتَلَ دَاوُدُ رِبْوَاتِهِ (أَيْ عَشَرَاتِ الأُلُوفِ)». ٨ فَأَثَارَ هَذَا غَضَبَ شَاوُلَ، وَسَاءَ هَذَا الْغِنَاءُ فِي نَفْسِهِ وَقَالَ: «نَسَبْنَ لِدَاوُدَ قَتْلَ عَشَرَاتِ الأُلُوفِ، أَمَّا أَنَا فَنَسَبْنَ لِي قَتْلَ الأُلُوفِ فَقَطْ! لَمْ يَبْقَ سِوَى أَنْ يُنْعِمْنَ عَلَيْهِ بِالْمَمْلَكَةِ». ٩ وَشَرَعَ شَاوُلُ مُنْذُ ذَلِكَ الْيَوْمِ فَصَاعِداً يُرَاقِبُ دَاوُدَ بِعَيْنٍ مُمْتَلِئَةٍ بِالْغَيْرَةِ.
١٧ وَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ: «إِنَّنِي أَبْغِي أَنْ أُزَوِّجَكَ مِنِ ابْنَتِي الْكَبِيرَةِ مَيْرَبَ، شَرِيطَةَ أَنْ تَكُونَ بَطَلاً وَتُحَارِبَ حُرُوبَ الرَّبِّ» فَقَدْ حَدَّثَ شَاوُلُ نَفْسَهُ قَائِلاً: «لا أَحْمِلُ أَنَا جَرِيرَةَ قَتْلِهِ بَلْ يَقْتُلُهُ الْفِلِسْطِينِيُّونَ». ١٨ فَأَجَابَ دَاوُدُ: «مَنْ أَنَا وَمَا هِيَ حَيَاتِي؟ وَمَا هِيَ عَائِلَتِي وَمَا هِيَ مَكَانَةُ عَائِلَتِي فِي إِسْرَائِيلَ حَتَّى أُصْبِحَ صِهْراً لِلْمَلِكِ؟» ١٩ وَعِنْدَمَا اقْتَرَبَ مَوْعِدُ زِفَافِ مَيْرَبَ لِدَاوُدَ، زَوَّجَهَا شَاوُلُ مِنْ عَدْرِيئِيلَ الْمَحُولِيِّ.
٢٠ لَكِنَّ مِيكَالَ ابْنَةَ شَاوُلَ الصُّغْرَى أَحَبَّتْ دَاوُدَ، فَعَلِمَ شَاوُلُ بِالأَمْرِ وَحَظِيَ ذَلِكَ بِرِضَاهُ. ٢١ وَقَالَ شَاوُلُ فِي نَفْسِهِ: «أُزَوِّجُهُ مِنْهَا فَتَكُونُ لَهُ فَخّاً، وَكَذَلِكَ يَسْعَى الْفِلِسْطِينِيُّونَ إِلَى قَتْلِهِ». وَقَالَ شَاوُلُ لِدَاوُدَ مَرَّةً ثَانِيَةً: «يُمْكِنُكَ مُصَاهَرَتِي الْيَوْمَ». ٢٢ وَأَمَرَ شَاوُلُ رِجَالَهُ أَنْ يُسِرُّوا فِي أُذُنِ دَاوُدَ أَنَّ الْمَلِكَ يُحِبُّهُ، وَأَنَّهُ مَحَلُّ إِعْجَابِ الْحَاشِيَةِ، وَأَنْ يَنْصَحُوهُ بِمُصَاهَرَةِ الْمَلِكِ، ٢٣ فَرَاحَ عَبِيدُ شَاوُلَ يُسِرُّونَ بِهَذَا الْحَدِيثِ فِي مَسَامِعِ دَاوُدَ. فَأَجَابَ دَاوُدُ: «أَتَظُنُّونَ مُصَاهَرَةَ الْمَلِكِ أَمْراً تَافِهاً؟ أَنَا لَسْتُ سِوَى رَجُلٍ مِسْكِينٍ حَقِيرٍ». ٢٤ فَأَخْبَرَ عَبِيدُ شَاوُلَ سَيِّدَهُمْ بِحَدِيثِ دَاوُدَ. ٢٥ فَقَالَ شَاوُلُ لَهُمْ: «هَذَا مَا تَقُولُونَهُ لِدَاوُدَ: إِنَّ الْمَلِكَ لَا يَطْمَعُ فِي مَهْرٍ، بَلْ فِي مِئَةِ غُلْفَةٍ مِنْ غُلَفِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، انْتِقَاماً مِنْ أَعْدَاءِ الْمَلِكِ». قَالَ هَذَا ظَنّاً مِنْهُ أَنْ يُوْقِعَ دَاوُدَ فِي أَسْرِ الْفِلِسْطِينِيِّينَ. ٢٦ فَأَبْلَغَ عَبِيدُ شَاوُلَ دَاوُدَ بِمَطْلَبِ الْمَلِكِ، فَرَاقَهُ الأَمْرُ، وَلاسِيَّمَا فِكْرَةُ مُصَاهَرَةِ الْمَلِكِ. وَقَبْلَ أَنْ تَنْتَهِيَ الْمُهْلَةُ الْمُعْطَاةُ لَهُ، ٢٧ انْطَلَقَ مَعَ رِجَالِهِ وَقَتَلَ مِئَتَيْ رَجُلٍ مِنَ الْفِلِسْطِينِيِّينَ، وَأَتَى بِغُلَفِهِمْ وَقَدَّمَهَا كَامِلَةً لِتَكُونَ مَهْراً لِمُصَاهَرَةِ الْمَلِكِ. فَزَوَّجَهُ شَاوُلُ عِنْدَئِذٍ مِنِ ابْنَتِهِ مِيكَالَ. ٢٨ وَأَدْرَكَ شَاوُلُ يَقِيناً أَنَّ الرَّبَّ مَعَ دَاوُدَ، وَأَنَّ ابْنَتَهُ مِيكَالَ تُحِبُّهُ. ٢٩ فَتَزَايَدَ خَوْفُ شَاوُلَ مِنْ دَاوُدَ، وَأَصْبَحَ عَدُوَّهُ اللَّدُودَ طَوَالَ حَيَاتِهِ.
٣٠ وَثَابَرَ أَقْطَابُ الْفِلِسْطِينِيِّينَ عَلَى مُحَارَبَةِ إِسْرَائِيلَ، فَكَانَ دَاوُدُ يَظْفَرُ بِهِمْ أَكْثَرَ مِنْ بَقِيَّةِ قُوَّادِ شَاوُلَ، وَأَصْبَحَ اسْمُهُ عَلَى كُلِّ شَفَةٍ وَلِسَانٍ.
<- صموئيل الأول 17صموئيل الأول 19 ->